البوليميا :- مرض لا يعرفه الكثير منا ، على الرغم من انتشاره بين الناس . ومصطلح البوليميا (Bulimia) يعني مرض شراهة الأكل أو الشره المرضي للأكل، أو بمعنى آخر إدمان الأكل .
ومريض البوليميا يقوم بالتهام كمية غير طبيعية من الطعام ، دون إدراك أو وعي لخطورة الوضع ودون مراقبة ، كأنه "يفش خلقه" أو "يطلع غلّّه" في الأكل ، مما يجعله يدور في حلقة مفرغة .
ويقوم المريض بعد ذلك بالتقيؤ عبر إدخال الإصبع في الفم ، أو عبر استخدام الأدوية والمليّنات ومدرّات البول والحقنة الشرجية أو القيام بممارسة نشاط رياضي قاس .
ويلجأ المريض بالبوليميا إلى التقيؤ الإرادي ، خوفاً من اكتساب الوزن ، لذلك يعمد فور انتهائه من الطعام إلى التخلص من كل ما دخل معدته . وهذه العادة تتكرّر مع المريض مرات عديدة في اليوم ، لتصبح بالتالي عادة يصعب التخلص منها .
ومريض البوليميا لا يكون عادة شخصاً زائد الوزن أو سميناً .
وللدلالة نضرب لكم أمثلة من مشاهير المرض الذين هم ربما أقل وزناً من المعدل الطبيعي ، أما غالبية المرضى فأوزانهم طبيعية .
ومرضى البوليميا ، أو كما يسمونهم علماء التغذية »البوليميين« ، والذين يلتهمون الأكل بشراهة غير طبيعية ، حتى أنهم لا يحسّون بلذة ما يأكلون وغالبا ما تكون وجباتهم من النوع السريع (الفاست فود) ، ويستمرّون هؤلاء في الأكل إلى درجة تفوق الشبع ، وإلى حد شعورهم بالتخمة والاشمئزاز من أنفسهم ، والندم على ما أكلوه ، فيهرعون إلى التقيؤ .
الأسباب هل هي وراثية أم نفسية أم نتيجة لصدمة عاطفية ؟
أشارت أبحاث حديثة إلى ارتباط مرض البوليميا بوجود خلل في الهرمون المسؤول عن الشهية والحالة المزاجية وخاصة بين السيدات ، وهو هورمون السيروتونين .
ومرض البوليميا غالباً ما يظهر لدى الفتيات في سن مبكرة ، ونادراً ما يظهر لدى الرجال . ويعدّ هذا المرض من الأمراض العصبية التي تتسم باضطراب الشهية ، ويظهر عند السيدات بكثرة ، فيجعلهن يأكلن بشراهة في وقت قصير .
ونتيجة للمرض يكثر استهلاك الطعام الغني بالنشويات .
كما أثبتت الأبحاث أن مرض البوليميا يمكن أن يسبب زيادة الوزن لدى السيدات ، مما يفقدهنّ السيطرة على أعصابهن فيزيد حالتهن المزاجية سوءاً .
ويوضح الدكتور والتر كاي في كلية الطب جامعة بتسبرج في بنسلفانيا، والذي أجرى دراسة على بعض السيدات بعد شفائهن ، أن البوليميا يصيب السيدات بالشراهة في الطعام أو فقدان الشهية تماماً ، وبالتالي تصاب المرأة بمرض السمنة أو النحافة الزائدة .
كما أنه يؤدي إلى الاختلال في الحالة المزاجية ، فيسبب الاكتئاب وذلك نتيجة تراجع القدرة على إفراز مادة السيروتونين التي تنشّط بعض أجزاء المخ ، وهي المادة الكيميائية المساعدة على تنظيم الشهية ومعدّل النبض .
ومرض البوليميا له ثلاثة أنواع
* أولها مرض البوليميا العصبي البسيط :- والذي يظهر في الفتيات بدءاً من سن الثامنة عشرة ، ويبدأ المرض عادة بعد صدمة عاطفية خلال فترة المراهقة ، إذ تشعر البنت بالإحباط نتيجة لفشل في الحب وفقدان الحبيب أو فقدان العذرية بعد قصة حب ، وتدخل الفتاة المحبطة في حالة من الحزن والكآبة ، ويؤثّر ذلك على علاقتها بالآخرين .
وتلجأ المريضة عادة للقيء كوسيلة للتخلص من الوزن الزائد وكثرة استهلاك الطعام الذي تندفع إليه بدون سيطرة ، وهوالمرض الذي كانت تعاني منه الأميرة الراحلة ديانا .
* وفي النوع الثاني من المرض وهو (أنوركسيك بوليميا) ، وهو عادة قصير المدى تفقد أيضاً فيه السيدة القدرة على التحكم في طريقة الأكل ، ولكنها تشفى بدون علاج إذا ما حاولت مساعدة نفسها .
أما النوع الثالث من البوليميا ، فتعاني منه الفتيات في سن الثامنة عشرة، ويكون مصحوباً بمشكلات نفسية أو إدمان للمخدرات أو الكحول أو عدم الترابط الأسري .
ومازالت أسباب هذا المرض غير معروفة حتى الآن ، إلا أن هناك فرضية في أن يكون المرض وراثياً .
لماذا يأكل البوليمي في السر ؟
قد يحدث لمريضات البوليميا نوبات تناول كميات هائلة من الطعام بشكل متكرر، أكثر من مرتين أسبوعياً ولمدة ثلاثة أشهر على الأقل .
وربما تكون فترة المرض طويلة تبعاً للحالة النفسية للبوليمي ، كما أن فترة المرض ربما تكون قصيرة عندما يصاب المريض بعارض عصبي لأيام كأن يفقد حبيبه ثم يجد حبيباً آخر ينسيه الوضع الحالي ، فيصبح المريض بوليمي لفترة محددة ، وبعد أن يهدأ يعود إلى نظامه الغذائي الطبيعي .
والجدير بالذكر أن البوليمي يأكل ويتقيّأ سراً ، لذلك يصعب كشف حالته .
ويشار إلى أن كثرة التقيؤ تضر بالجهاز الهضمي ، وقد تقوم المريضة في بعض الحالات بإخفاء الطعام وتناوله بشكل سري ، ولهذا تصاب بتغييرات ظاهرة في الوزن ، وتصاب بنقص الأملاح في الجسم واضطراب ضربات القلب ، وقد يحدث لبعضهنّ انفجار جدار المريء أو المعدة ، نتيجة لإحداث القيء وهؤلاء الفتيات لديهن غالباً الميل للابتعاد عن الحياة العامة ، وعدم الرغبة في الاندماج في المجتمع ، وتأكل بالسر لأن طريقة اكلها غير طبيعية.. وشكلها مقزز وفاضح ، تتمثّل بالأكل السريع بالأيدي وبطريقة عشوائية همجية دون مضغ أو تلذذ أو تذوّق لنكهة الطعام فيتصور المريض أنه سيكون محلاً للنقد من قبل من حوله نتيجة لتصرفه غير الطبيعي .
والسؤال الآن هل من الممكن لمريضة البوليميا أن تُشفى ؟
نعم ، فهناك طرق عديدة للتعامل مع مريض البوليميا ، يخضع المريض معها للعلاج النفسي والاجتماعي والعضوي . وتشمل خطوط العلاج التهيئة النفسية للمريض بواسطة طبيب نفساني وإخصائي نفسي واجتماعي ، كما يخضع للعلاج بالأدوية المضادة للاكتئاب تحت إشراف طبيب مختص .
بعض المشاهير المصابين بالبوليميا
الأميرة ديانا والبوليميا
تعتبر الأميرة ديانا واحدة من أشهر مريضات البوليميا على مستوى العالم ، حيث أصيبت بالبوليميا جرّاء صدمتها في زواجها الفاشل بالأمير تشارلز .
وكانت الاميرة قد بدأت في التماثل للشفاء ، قبل حادث موتها المأساوي عام 1997 ، عندما انخرطت في قصة حب الفايد الذي أنساها مأساة زواجها الفاشل .
ونشرت مجلة British Journal of Psychiatry للأمراض النفسية مقالاً نوّهت فيه أن معدلات المرض قد ارتفعت في بداية التسعينيات بعد نشر أخبار إصابة ديانا بالمرض ، لتنخفض المعدلات مرة أخرى عند وفاتها عام 1997.
ويرجع السبب في ذلك إلى الحملة الإعلامية التي كانت ديانا تشنها على المرض الذي عانت منه ، مما شجع الكثير من الأشخاص على الانتباه والاعتراف بمرضهم .
وبعد موت ديانا بدأ مرضى البوليميا في إخفاء سر مرضهم مرة أخرى ، فانخفضت معدّلات الإصابة المعلنة بين الناس .
وقد اعترفت الأميرة الراحلة في حديثها أن مشاكلها الزوجية مع زوجها الأمير تشارلز هي سبب مرضها .
وقالت ديانا في حديث إلى محطة BBC ، إن مرض البوليميا كاد أن يدمّرها نفسياً ، مشيرة إلى أنه من المؤذي وجود إنسان برغبة قهرية لملء معدته 4 أو 5 مرات يومياً ، وقد شبّهت ذلك بالتفاف ذراعين حول خصر المريض ، بصورة خانقة .
جين فوندا
أما الممثلة العالمية المشهورة جين فوندا (63 عاماً)، فقد عانت من البوليميا منذ بداية السبعينيات وعلى مدار سنوات طويلة ، حتى تماثلت للشفاء بعد صراع مرير مع المرض .
وتحدثت فوندا مؤخراً إلى إحدى شبكات أمراض التغذية التثقيفية بولاية أتلانتا الأمريكية ، عن تجربتها المريرة مع المرض على مدار ربع قرن ، والتي أثرت سلبا على حياتها الشخصية والمهنية .
قالت فوندا »على مدار 25 عاماً ، لم أهنأ بشوكة واحدة من الطعام أضعها في فمي ، حيث كنت أشعر بالخوف والرهبة ، حتى تمكنت من إحداث الضربة القاضية للمرض نهائياً بالعزيمة والإصرار على الشفاء« .
والجدير بالذكر أن كلاً من ديانا وفوندا لم تكونا سمينتين أثناء المرض ، بل على العكس .
وترى مريضات البوليميا في جين فوندا المثال والقدوة الحسنة في التصميم والإرادة القوية وشعاع الأمل في الشفاء .
من مشاهير مرض البوليميا أيضا نذكر على سبيل المثال لا الحصر: الرياضية ناديا كومانشى ، الممثلة المعروفة باربارا ري ن ، وكذلك الممثل البريطاني آدم ريكيث ، والممثلة الكوميدية جوان ريفرز ، والممثلة آلي شيدي ، والمغنية ماري أوزموند ، وعارضة الأزياء بيفرلي جونسون ، والممثلة التلفزيونية جوستين باتمان ، والمطربة والراقصة بولا عبدول ، والممثلة التليفزيونية كيلي مارتن ، والمطرب المشهور ألتون جون .
عزيزتي مريضة البوليميا لست وحدك ، فهناك العديد والعديد من المشاهير عانوا ومازالوا يعانون من المرض ، لكن بالإرادة القوية والعزيمة سيبقى الأمل في الشفاء هو طريق النجاة .
نتمنى الشفاء للجميع